خــــواطــــر بنوته قلــــبي
لقد عشت معك إحساس البدايات، كل شيء كان يحمل طابع الـ"أول مرة"، وهذا وحده كافٍ ليبقى ذكرك دائمًا عالقًا في القلب. اختر القرب ممن يخفف عنك أعباء الحياة، لا من تكون أنت بالنسبة له حملًا يسهل التخلي عنه.
ليس خطأً أن يتعلم الرجل من المرأة لمسة تجعل قلبه أرق وأكثر دفئًا، فما الرومانسية إلا لغة القلوب، ورقة الرجل ليست ضعفًا أو محاولة للتشبه بالنساء، بل هي انعكاس لإنسانية عميقة.
لا تطمئن لرفقة أحد حتى تمتحنه في ثلاث: شدة تصيبك، نعمة تناله، أو جفاء يقع بينكما.
تساءلت حينها: أكان ذلك العناق طقس الوداع الأخير الذي فرضه عليهم الموت؟ أم كان هناك مغزى آخر خلف المشهد؟ بعد فترة سألت أمي عن هذا الأمر الذي أرهق تفكيري، فأجابتني: يا ولدي، ربما كانوا يبحثون عن مهرب من الموت فلم يجدوا إلا العناق، لكنه للأسف لم ينقذهم.
نحن لا نخشى لحظات الفراق بحد ذاتها، بل نخاف موجات الشوق التي تضربنا بعدها. لو كنا فقط نضمن النسيان لما استبدَّ بنا الخوف من الفراق.
عِش حياتك ببساطة ولا تلتفت لمن يثرثر بلا طائل. وإن واجهت شخصًا يدعي معرفة كل شيء، كن أنت البسيط الذي لا يتظاهر بشيء. الصمت أحيانًا أبلغ من الجدل.
كنت أرغب في أن أسألها: هل يحمي العناق الإنسان من الموت؟ لكني لم أستطع النطق بالكلمات بعدما رأيتها تتنهّد بحزن عميق. مذ ذاك الوقت، ظلت فكرة العناق مترسخة في ذهني على أنها الخصم الشرس للموت، وملاذ الأرواح التائهة عند شفير النهاية.
حبيبتي، حين تنظر عيناكِ نحوي، فإن روحي تهيم كما لو أنها تعانق مقطوعة من السماء. وهذا ما أثار داخلي رغبة عارمة بأن أحضنكِ، رغبة أجد صعوبة في كتمانها.
في لحظات الحياة الثابتة والمتغيرة رأيتكِ سكنًا وثباتًا، ورسمتكِ أمنًا بين عيني وجفني. ليس كل ما يلمع في حياتنا نجمة أصيلة تستحق المقام، فبعضها شُهبٌ زائلة تسقط سريعًا.
لا علينا الآن سوى إتمام ما بدأناه. وإن رأيت شيئًا يلفت انتباهكِ – كملبس جديد – أو لمحتِ عينين تشتهيان معانقتكِ، فإن روحكِ تستحق أن تغوص في بعد آخر، لتلفح قلبًا كان فارغًا حتى حين.
تفديك عينٌ لم تعرف النظر لسواك، وتفديك روحٌ لم تعشق غير ذكراك، ويفديك قلبٌ لم يجد سكنه إلا بين يديك.
لئلا أفترسني الفراغ أو أسقط منهارًا على أرصفة هذه المدينة، أحتاج إلى عناق يداكِ. لا تكوني بخيلة بالعطاء، الخطوات الصغيرة نحو الحب تزيل جبال الوحدة.
ليس من السهل أن تأسر ذوق العيون الراقية، إلا إذا كنت جمالاً يستحق الالتفات. وما يلفتني إلا ذلك الطهر الذي يسكن روحك.
تعالَ واسمع نبض ضلوعي ينشد مواويل الشوق. ذكّرني بقصائد "الأماكن" التي غنى بها أبو نورة، عسَى أن يخبرنا قمر الليل قصةً عن قلبك الذي بات وطنًا لي.
الشخص الصبور يعطي مرارًا وتكرارًا فرصًا بلا حساب. لكن فرصته الأخيرة تكمن دائمًا في عنصر المفاجأة.
هناك شاب هنا يؤمن بالعناق كما تؤمن أمك وأبوك بأنكِ أجمل ما مرّ في حياتهما. ويؤمن أهل الحي بسحر عينيكِ وكأنكِ تحملين في نظرتكِ عالمًا لا حدود له.
ما يسرق راحة البال ثلاثة أمور: الندم على ماضٍ مضى، والخوف مما هو آتٍ، والحسد مما بأيدي الآخرين.
من أعظم الانتصارات العودة إلى سبُل الحكمة بعد انحراف القلب في طرق العثرات.
أنا رجلٌ أضاع دربه، وذهبت مدينته أدراج الغياب. أحمل قلبًا مثقوبًا بخيباتٍ متوالية وعينين أرهقهما السهر. أمضي في العمر كغريبٍ بلا وطن، وحيدًا وسط الزحام.
كل ليلة أستجمع فتات قلبي المبعثر وأضمّه إلى صدري، فقط لأصحو وأجده قد تشتّت من جديد، وكأن الحزن يأبى أن يُحتجز بداخلي.
سأخطُّ في حبك عهودًا تجفف الدمع من أعماق العيون، وأطمئنّ في ضلوعك كل شكوك، وأُعيد إليها صدق المحبين.
وإذا ضاقت الأرض عليك وشعرتَ بفيضان الهم، فلا تيأس فإن الله دومًا كافٍ لعباده المذعورين من الدنيا ليُنجيهم.
أمشي بين الجموع كظلٍ تائه، لا يرونه لكن أعي ثقل العالم كله فوق صدري الوحيد.
ابتعد عن القريب والبعيد إذا لم تسلم من شرورهم. ولا تكن ذلك الذي ينتقده الناس بقولهم "يا حليله"، بل كن كسيفٍ حادٍ يرهب بحزمِه الجميع.
عليك أن تقبل أحيانًا حقيقة أن هناك أمورًا خارج نطاق سيطرتك. كل ما تحتاجه حينها هو التوقف قليلاً.
كل ابتسامة تُرسم على وجوه البشر خيرٌ عظيم، أما ابتسامتك فهي مفتاحٌ للجنة.
اعذروا غيابي الذي ربما زلّ عن غير قصد، وامنحوني الوقت لأستعيد صفحتي وأراجع سجلّي.
لا تفصح عن ألمك للجميع، فالجرح المُخفي قد يشفى بمرور الأيام، أما إذا اشتكيت للناس، فلن تجد منهم سوى المزيد من الحزن والأسى.
قالت وهي تتنهّد: "لن ترى أجمل مني إلا في الجنة." فردّ مبتسمًا: "ومن قال إني أبحث عن أجمل منكِ؟"
